رحلة في التوراة - الجزء 1
عزيزي القارئ،
تعرف بأن الله خلق كل شئ في مبتدئ الزمان. وأيضاُ خلق أدم أولاً ثم حواء.
عندما خلق الله الإنسان أنعم عليه بهبات كثيرة:
وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض. (تكوين 1: 26)
لاحظ معي الأتي:
1- عمل الله الإنسان على صورته.
2- عمله كشبهه.
3- سلطه على كل المخلوقات الأخرى.
فعل الله كل هذا وبعد هذا "أخذ الرب الاله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها". (تكوين 2: 15)
أي عطية أعظم من هذه؟ الخلق عل صورته وشبهه، التسليط على المخلوقات وفوق هذا المعيشة في جنة عدن. كل هذا محبة من الله وعطية مجانية. ويضاف الى هذه العطايا التمتع بصحبة الله والشركة معه والأستماع الى صوته والخلود كما سنجد لاحقاً.
ولكن الله أوصى أدم وصية واحدة وحيدة. أن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. وأوضح الله لأدم عواقب عصيان هذه الوصية، بأنه أن عصاها فأنه سيموت. وهذا يوضح لنا بأن أدم كان مخلداُ في الجنة لا يعرف الموت.
واوصى الرب الاله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل اكلا. واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها.لانك يوم تأكل منها موتا تموت. (تكوين 2: 16-17).
ومن ثم خلق الله حواء من ضلع أدم لأن الله رأى بأنه "ليس جيدا ان يكون آدم وحده. فاصنع له معينا نظيره". (تكوين 2: 18)
لاحظ بأن حواء هي نظير (معادل، مماثل) لأدم وهي خلقت لتكون له معين.
ثم أتت الحية التي ترمز الى الشيطان وأغوت حواء بالأكل من الشجرة وكذا فعل أدم. للحال "انفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان". (تكوين 3: 7)
كان أدم وحواء عريانان دائماً ولم يروا أثماُ أو غضاضة في ذلك لأن كان لهم بساطة الأطفال في التفكير. لا يعرفون الخير والشر. ولكن حالما عرفوا نزعت منهم تلك البراءة.
أبتدأ الأثنان يعرفان الخير والشر، وأبتدءا يعرفان الخوف منذ تلك اللحظة لأنهم عصا الوصية.
عندما نصنع خطأ فأننا نرتبك، نحاول أن نستره. تخيل بأنك كسرت تحفة خزفية يعتز بها أبوك. هل سيخدع أبوك بمحاولتك تصميغها وتجميعها كما كانت؟ كلا. لن تقدر أن ترد التحفة الخزفية لوضعها الأول.
هذا ما فعله أدم أولاُ. هو محاولة أصلاح الأثم بتغطيته والهروب من عقابه بدلا من الأعتراف بالخطيئة وطلب الصفح. يقول الكتاب بأنهما: "خاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مآزر". (تكوين 3: 7). الا ترى معي بأنها محاولة ساذجة لستر فعلتهم؟
الأغرب من هذا بأن أدم وحواء حاولا بسذاجة أن يختبئا وسط شجر الجنة. فجاءهما صوت الله. "فنادى الرب الاله آدم وقال له: اين انت؟". (تكوين 3: 9)
بالطبع الله يعرف أين وماذا فعل أدم. ولكنه أراد أن يعطي الفرصة له كي يبرر نفسه.
قبل أن ننتقل الى رد أدم ربما نحاول أن نسأل أنفسنا. هل نحن أيضا مثل أدم عرفنا الشر الذي نحن فيه، فقدنا نقائنا وبرائتنا، وأختطنا مثله مأزر من ورق التين كي نغطي بها سوئتنا؟ هل نختبئ معه بين شجر الجنة، معتقدين بسذاجة الأطفال بأن الله لا يرانا؟ هل نسمع ربنا ينادينا قائلاً: أين أنتم؟ أين أنت؟
أتركك مع هذه الأفكار حتى أكمل هذا الموضوع معك في الرسالة القادمة.
الرب يباركك وينعم عليك بالأختباء في حضنه وبين ذراعيه.
حتى الملتقى....
أخوك