شبهات وهميَّة حول سفري عزرا ونحميا
قال المعترض: «هناك سفر ثالث لعزرا قال عنه علماء المسيحية إنه ليس من الأسفار الموحى بها».
وللرد نقول: اعتبر علماء بني إسرائيل سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً، وقالوا إن عزرا كتب الجزء الأول منه، وأكمله نحميا. ثم قسموا هذا السفر الواحد في التوراة العبرية إلى قسمين كما نجدهما في كتبنا المقدسة اليوم، سمُّوا الجزء الأول منهما »عزرا الأول« والجزء الثاني »عزرا الثاني«. وهناك كتاب أبوكريفي مكتوب باليونانية مقتبَس من سفري عزرا ونحميا يحمل اسم »عزرا الثالث«. ولم يدخل سفر عزرا الثالث ضمن الأسفار القانونية، كما أن محتوياته واردة في سفري عزرا ونحميا.
قال المعترض: «جاء في عزرا 1:1 أن كورش أصدر أمره بعودة بني إسرائيل لبلادهم سنة 536 ق م. ولكن إرميا 25:12 يقول إن بني إسرائيل يُسبون 70 سنة، في عهد يهوياكين سنة 599 ق م (2ملوك 24:13-17) وفي هذا تناقض».
وللرد نقول: حدث سبيٌ في عهد يهوياقيم، جاء بعده سبيٌ آخر في عهد يهوياكين ابنه (2ملوك 24:1) سنة 606 ق م. وبين عامي 606 ق م و536 ق م سبعون سنة.
قال المعترض: «يسجِّل أصحاح 2 من سفر عزرا أسماء الذين رجعوا من سبي بابل بقيادة زربابل، فيذكر 32 عائلة بأعدادها وأسمائها. ويسجِّل أصحاح 7 من سفر نحميا نفس الحدَث، فيتفق مع عزرا في عدد أفراد 18 عائلة، ويختلف معه في عدد 14 عائلة, ويتراوح الاختلاف بين عدد واحد و1100 شخصاً. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: (1) من المحتمل أن يكون عزرا ونحميا أوردا أسماء العائلات في زمنين مختلفين، فأحصى عزرا عدد الذين غادروا بابل مع زربابل، بينما أحصى نحميا عدد الذين وصلوا فعلاً إلى أورشليم. وقد يكون أن بعض الذين غادروا بابل ليُعيدوا بناء أورشليم عادوا من حيث أتوا، ولا بد أن البعض مات في الطريق. وقد يكون أن عائلة ضمَّت بعض أفرادها إليها أثناء السفر، كانوا ساكنين في بلاد على الطريق. وربما سافر أشخاص غير الذين كتبوا أسماءهم في بابل، فزاد كشف نحميا. فمثلاً لم يرد في سفر نحميا ذِكر مَغْبيش، مع أنه ذُكر في عزرا 2:30، وربما لأنه نوى السفر إلى أورشليم، ثم عدل عن ذلك بعد أن كتب عزرا اسمه.
(2) ولا ننسى أن الشخص كان يحمل أكثر من اسم، كما يكون له اسم ولقب وكنية، مثلاً بنو حاريف المذكور في نحميا 7:24 تُسمّوا في عزرا 2:18 بني يورة، وفي نحميا 7:47 بنو سِيعا وقد تسمّوا في عزرا 2:44 بنو سِيعَها، وغيره.
اعتراض على عزرا 3:2 - والد زربابل
انظر تعليقنا على 1أخبار 3:19
قال المعترض: »يقول عزرا 3:8-13 إن بدء بناء الهيكل بعد العودة من السبي كان في عهد كورش الكبير الذي حكم فارس من 559 إلى 530 ق م تقريباً. ولكن عزرا 4:24 يقول إن إعادة بناء الهيكل كانت في أيام داريوس الفارسي، وهذا نحو 520 ق م. ويظهر من سفر حجي 1:15 أن بناء الهيكل لم يبدأ حتى عام 520 ق م. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: يتحدث سفر عزرا عن البدء في البناء، ثم التوقُّف عنه، ثم البدء فيه من جديد بعد نحو 15 سنة. فالحديث في عزرا 3:10 و5:16 يشير إلى البدء في بناء الهيكل، ويقول عزرا 4:4 إن الأعداء حالما رأوا الشعب يبدأ في البناء ضايقوهم وعطلوهم. واستمر هذا التعطيل طيلة حكم الملك كورش. ويتحدث عزرا 4:24 وحجي 1:15 عن العودة إلى البناء بعد أن توقَّفوا عنه نحو 15 سنة، عندما أرسل الله النبي حجي ليشجع الشعب على هذا (عزرا 4:24). فأطاع الشعب دعوة النبي حجي وبدأوا يكملون البناء عام 520 ق م أثناء حكم داريوس، حتى انتهوا منه سنة 516 ق م.
قال المعترض: »جاء في عزرا 4:23 أن القادة من غير اليهود هم الذين أوقفوا العمل في بناء الهيكل، لكن جاء في حجي 1:2 »هذا الشعب قال: إن الوقت لم يبلغ وقت بناء بيت الرب«. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: الأمران صحيحان ويكمل أحدهما الآخر، فقد استخدم الأعداء الأجانب القوة العسكرية ليوقفوا البناء، فتقاعس الشعب الخائف عن إكماله.
قال المعترض: »في عزرا 10:10-44 أمر عزرا رجال اليهود أن يهجروا زوجاتهم الوثنيات حتى لا يزيدوا إثم بني إسرائيل. وهذا يخالف ما جاء في 1كورنثوس 7:12 »إن كان أخٌ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن يسكن معها فلا تتركه«.
وللرد نقول: أُعطيت الوصيتان في زمنين مختلفين، لشعبين مختلفين، ولأسباب مختلفة. فقد أوصى عزرا رجال بني إسرائيل في العهد القديم بالانفصال عن زوجاتهم الوثنيات خوفاً من تأثيرهن الشرير على أزواجهن وأولادهن. وأوصى الرسول بولس المسيحيين في العهد الجديد أن يبقى الشريك المؤمن مع غير المؤمن، إن ارتضى غير المؤمن أن يُبقي شريكه معه، من أجل الأولاد (1كورنثوس 7:14)، وليكون للطرف المؤمن فرصة ربح شريكه للمسيح عندما يرى حُسن سلوكه (1كورنثوس 7:16).. ثم أن المسيحيين ليسوا ملتزَمين بتشريعات العهد القديم، لأن المسيح جاء ليكملها.
اعتراض على نحميا 7:38 - إعمار عاي
انظر تعليقنا على يشوع 8:28
قال المعترض: »جاء في نحميا 8:17 »وعمل كل الجماعة الراجعين من السبي مظال، وسكنوا في المظال، لأنه لم يعمل بنو إسرائيل هكذا من أيام يشوع بن نون إلى ذلك اليوم. وكان فرحٌ عظيم جداً«. وهذا معناه أن بني إسرائيل لم يحتفلوا بعيد المظال منذ أيام يشوع. ولكن عزرا 3:4 يقول إنه في أيام زربابل حفظوا عيد المظال كما هو مكتوب«.
وللرد نقول: معنى عبارة سفر نحميا أنه لم يكن احتفال مفرح منذ أيام يشوع مثل هذا الاحتفال الذي أُقيم أيام نحميا، ولا تعني أنه لم تُقَم احتفالات بعيد المظال منذ أيام يشوع. وقد كان احتفال نحميا متفرِّداً بثلاثة أمور على الأقل: أولها أن كل الجماعة عملته، وثانيها أن الفرح كان عظيماً جداً، وثالثها أنه كان يُقرأ أثناء هذا الاحتفال كل يوم من التوراة من اليوم الأول إلى اليوم الأخير (نحميا 8:18).
قال المعترض: «ذكر بعض رجال الدين المسيحيين أن نحميا 12:1-26 ليس وحياً إلهياً».
وللرد نقول: سفر نحميا وحي لنحميا كما قال علماء بني إسرائيل، وكما يتضح من استخدام ضمير المتكلم عند الحديث عن نحميا، وهو يسجل إرسالية نحميا إلى أورشليم والإصلاحات التي قام بها. ويرجع سبب اعتراض المعترض إلى ذكر اسم يدّوع في آيتي 11 و22 من أصحاح 12، بينما كان يدوع رئيساً للكهنة عندما هاجم الإسكندر الأكبر أورشليم (351-331 ق م). والأرجح أن نحميا عاش عمراً طويلاً حتى رأى يدّوع حفيد ألياشيب كاهناً، لأن سفر نحميا يذكر يدوع ضمن الكهنة، وليس كرئيس كهنة.. ويرجع اعتراض المعترض إلى سبب آخر هو ذكر داريوس الفارسي في آية 22 من أصحاح 12. والأرجح أنه داريوس نوثوس (424-395 ق م) المعاصر ليدّوع وليس داريوس كودومانّوس (336-332 ق م).. ويرجع اعتراض المعترض إلى سبب ثالث هو عبارة »كان هؤلاء في أيام نحميا الوالي« التي جاءت في آيتي 26 و47 من أصحاح 12. ولكن نلاحظ أن اسم نحميا في الآيتين جاء مصحوباً باسم شخص آخر، ففي آية 26 قُرن باسم يوياقيم، وفي آية 47 قُرن باسم زربابل، فالأرجح أن نحميا أورد اسمه بهذا الأسلوب وهو يذكر اسمي يوياقيم وزربابل.
قال المعترض: «قال المفسر المسيحي آدم كلارك إنه في الترجمة اليونانية لنحميا 12:3 سقط اسمان وبقي الاسم الثالث فقط وهو شَكَنْيا، كما سقطت من نحميا 12 الآيات 4-6 و9 و37-41 وأسقط المترجم في العربية من آية 1-26 و29».
وللرد نقول: هذه الآيات موجودة في الأصل العبري الذي يجب أن يعوَّل عليه ويُرجع إليه، ويمكن دائماً إصلاح الترجمة، فالترجمة ليست وحياً، لكنها نقل الوحي إلى لغة أخرى. ومن يراجع الترجمة العربية التي بين أيدينا يكتشف أن كل الآيات موجودة.. ولو حدث أن أحد المترجمين أسقط هذه الآيات فإن محتوياتها موجودة في أماكن أخرى من كتاب الله، فهي تحوي أسماء الذين أتوا من السبي، وقد ذُكرت في سفري عزرا وأخبار الأيام وغيرهما. فإذا أخطأ مترجمٌ وأسقطهما من مكان فإنهما باقيتان في مكان آخر.