الفصل
الثالث
1-السماء
والارض
2- انه
حسن..
3-الرجل
والمرأة
1-
السماء والارض
السفر الاول
من الكتاب المقدس هو سفر التكوين.
ويعني
التكوين البداية.
في البدء خلق الله السماوات والارض.
وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه. وقال
الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور انه حسن. وفصل الله بين النور والظلام .
وسمى الله النور نهارا والظلام سماه ليلا. وكان مساء وكان صباح يوم واحد.
سفر التكوين 1: 1-5
من العدم
"في البدء خلق الله…" الخلق هو دلالة
على قدرة الله العظيمة. ويصعب احيانا ان ندرك أن الله قد خلق كل شيء من العدم. نحن
البشر نخلق، ولكن من مادة مخلوقة مسبقا فقط. نرسم الصور باستعمال الزيت والقماش،
نبني البيوت من الخشب والاسمنت والطوب، ولكن الله عندما يخلق لا يستعمل شيئا ابدا،
بل يخلق من العدم.
القوي العظيم
ان الله عظيم. فالخلق بهذا المقياس الكبير
وبدون مواد او وسائل او ادوات مساعدة، يتطلب قدرات غريبة بالكامل عنا. يخبرنا الكتاب
المقدس بأن الخلق كان ممكنا، لأن الله قادر على كل شيء. وبكل بساطة، ان قدرة الله لا تعرف حدودا.
عظيم هو
ربنا وجبار في القوة…
مزامير 147: 5
انه حقا
قوي عظيم.
يعرف العالم
ان
الله عظيم. لا يملك القوة فحسب، بل يملك المعرفة ايضا. يعرف ما يجري في السر
والعلن، فهو العالم بكل شيء
هو ربنا. . ان معرفته لا حدود لها
مزامير 147:
5
ان الله يعرف كل شيء، لا يحتاج مساعدة مهندس
معماري او معلومات اضافية. ان معرفة الله غير محدودة، وهو ليس مقيدا في عملية
الخلق بخطة اولية لشخص آخر ؟
موجود في
كل مكان وكل زمان
عندما يقوم الانسان بعملية بناء او تشكيل لشيء،
يحتاج الى مكان يعمل فيه، مثل المشغل او الاستديو. ولكن الله لا يحتاج الى مشغل
لتشكيل خليقته، لان الكتاب المقدس يخبرنا بأن الرب موجود في كل مكان وفي كل زمان.
اله انا عن
قرب يقول الرب ولست الها عن بعد. ايستخفي انسان في الخفايا وانا لا اراه يقول
الرب. الست مالئ السماوات والارض يقول الرب.
ارميا 23: 23، 24
ان مثلث الصفات هذا: معرفة العالم، القوة والسيطرة
على الجميع، والوجود في كل مكان وكل زمان- يبرهن بصورة منفردة او مجتمعة بأن الله
عظيم. صفة واحدة فقط من هذه الصفات الثلاث كفيلة بخلق الكون الذي نعيش فيه.
هو الذي
صنع الارض بقوته وثبت المسكونة بحكمته وبسط السماوات بفطنته. ارميا 51: 15
لا تمتلك الملائكة أي من هذه الصفات بالرغم من
كونها قوية وذكية. ونحن لا نتصف بهذا النوع من المقدرة.
ان
صنع ابسط الاشياء بالنسبة لنا يتطلب جهدا
بشريا مشتركا. لنقل مثلا بأننا نريد ان نصنع كرسيا معدنيا - من النوع الذي يطوى،
ونجده في قاعة المسرح في المدرسة.
نحتاج في البداية الى معدن. ولكن اين نجد النوع
المناسب من المعدن ؟
نحتاج الى جيولوجي ومنقب عن المعادن
يعرف الكثير عن الصخور التي تحتوي على خام الحديد. وان وجدنا الصخور المناسبة، فما هي الخطوة التالية ؟
توجد الصخور في داخل الارض! ويحتاج اخراجها الى
شخص يعرف صناعة الديناميت، ويتعامل مع معدات المناجم المختلفة. ونحتاج الى عمال
مناجم لهم خبرة في استخراج الخام بصورة آمنة من الارض.
ولكننا ما زلنا لا نملك القدرة على صنع كرسي من
كومة الحديد الخام. اذ وجب صهر الحديد. هل نستطيع ان نشعل نارا ساخنة بدرجة كافية
لكي تذيب الحديد الخام ؟ نحتاج الى حدادين يعرفون الصهر وكيفية السبك.
ولو
وجدنا هؤلاء الاشخاص، توقع ماذا سيحصل بعد ذلك ؟ لقد سكبوا لنا كتلة الفولاذ. وعندئذ
يمكن الجلوس على المعدن السائل بعد ان يبرد. ولكن اذا كنا نريد ان نصنع كرسيا، فمن الضروري ان
نجد شخصا يعرف كيفية طرق الكتلة، وتحويلها الى قطعة مسطحة من المعدن بالسمك
المطلوب، ثم حني الفولاذ ولحمه.
اللحـام ؟
ان لحم القطع التي يتكون منها الكرسي يحتاج
الى شخص له معرفة بالكهرباء وطرق توليدها.
وهكذا نرى ان صنع الكرسي عملية معقدة. بالاضافة
الى اننا لم نفكر بعد بكيفية صنع الدهان، وخصوصا ذلك النوع الذي يصلح لهذا الكرسي،
ولا اللون الذي نريده او يناسبه.
وماذا
عن ارجل الكرسي...اهي بلاستيكية؟ اذا كانت ارجل الكرسي من مادة البلاستيك، فان ذلك
يقودنا الى منتجات البترول. لنرى الآن ماذا يتطلب حفر بئر لايجاد النفط ..؟
ان كل ما نريد ان نصنعه هو كرسي معدني. ومن
اجل خلق ابسط الاشياء نحتاج الى مئات الاشخاص، ومعرفة واسعة، وما يرتبط بها من
مهارات. لا يوجد شخص واحد يعرفها جميعها بمفرده.
لا احد منا، بشر او ملائكة، يمكن ان يقارن
حتى بأبسط صورة، بهذا الاله العظيم العالم بكل الامور، الذي يملك القوة، لكي يخلق
من العدم. وهذا الاله موجود في كل مكان- بحيث يستطيع ان يخلق الشيء في أي مكان وفي
اي زمان، لا يحتاج الى مساعدة احد.
آه، ايها السيد
الرب ها انك صنعت السماوات والارض بقوتك العظيمة وذراعيك المبسوطة وليس عليك امر
عسير.
ارميا 32: 17
الله أمـر
تم تسجيل عملية الخلق هذه ببساطة ودقة. ان
اكثر المعلومات التي تدهش العقل مذكورة ببضع كلمات فقط. يشير نص الكتاب المقدس
اشارة عابرة الى الوسيلة التي اتم الله بها الخلق، فهو لم يستعمل الايدي او
الادوات، بل امر فقط فكان الكون وكل ما فيه الى الوجود.
وقال الله
ليكن نور فكان نور…
سفر التكوين 1: 3
لقد تشكل
الكون بأمر الله.
الرسالة الى العبرانيين 11: 3
تسبب لنا مثل هذه القدرة حيرة كبيرة، اذ لا
نستطيع ان ندرك كيف اصدر الله أمرا فكان هناك كرسي معدني- فكيف كان الامر عندما
خلق الله الكون؟ ولكن ماذا يتوقع المرء من إله عظيم حقا ؟ عندما نفكر في هذا
الامر، فاننا نتأكد ان هذا الاله قوي. ويثبت الكتاب المقدس هذه الحقيقة، اذ يقول:
بكلمة الرب
صنعت السموات والحشد الكواكبي بنفس من فمه… لتخاف جميع الارض الرب، ليكرمه جميع
شعوب العالم. لانه تكلم فكان العالم، وامر فرسخ.
المزمور 33: 6، 8، 9
كانت هذه هي الطريقة التي بدأ فيها خلق كل
شيء. أمر الله النور بالظهور، وسمى النور نهارا والظلام سماه ليلا. وحسب ما جاء في
الكتاب المقدس فانه بهذه الطريقة تم اليوم الاول من الخلق.
قديم
ولكن دقيق
كان الاعتقاد الشائع قبل عدة قرون أن
الارض مسطحة. ولم يكن لهذا التفكير اصل ابدا في الكتاب المقدس، الذي وردت فيه كلمة
تشير الى الشكل الكروي للارض …
انا جالس على كرة الارض…
اشعيا 40: 22
لقد أكد بعض القدماء بأن الارض كانت قائمة
على اساس قوي، يسندها اله اسطوري. وكتب ايوب النبي بأن الله….
يعلق الارض فوق لا شيء.
ايوب
26: 7
ولقد صنف بطليموس في القرن الثاني 1022 كوكبا،
وكان تصنيفه شائعا حتى اخترع جاليليو التلسكوب في القرن السابع، ورغم ان 5000 نجمة
فقط كانت مرئية للعين بدون مساعدة، فان الكتاب المقدس وفي صفحاته الاولى شبه عدد
النجوم ب…
الرمل الذي على شاطئ البحر …
سفر التكوين 22: 17
ليست جميع صفات الله معلومة عند الناس
بدرجة متساوية. ويسهل علينا احيانا ان نتأكد ان الله فائق القوة، ويعلم كل شيء من خلال
وجوده في كل زمان ومكان في نفس الوقت. ويخبرنا الكتاب المقدس المرة تلو المرة، أن
الله موجود في كل مكان.
عندما اتوقف وأتأمل في هذه الفكرة، اجدها
مريحة في الحقيقة. اذا سافرت بعيدا عن عائلتي، احب ان يكون الله معهم. وأحب في نفس
الوقت، ان يكون الرب معي. واذا تعرضت للخطر، فاني لا احب ان انتظر حتى اقع في
مصيبة لكي يساعدني الله، بل احتاج الى مساعدتة مباشرة - وبالطبع، اريد نفس الشيء
لعائلتي ايضا.
وفي المقابل، يمكن ان يكون الامر مخيفا،
اذا عرفت أن الله موجود في كل مكان، واذا اقترفت ذنبا فلن اجد مكانا اختبيء فيه.
كتب النبي داود في القرن العاشر قبل
الميلاد، الكلمات التالية بتوجيه من الله:
اذا صعدت الى السموات فانك هناك، واذا
جعلت سريري في الاعماق فانك هناك. واذا ارتفعت على جناحي الفجر واذا استقريت على
الجانب البعيد من البحر، فانه حتى هناك. يدك سوف ترشدني، ان يمينك سوف تعضدني.
واذا قلت: بالتأكيد، ان الظلمة سوف تخبئني واصبح النور ظلاما حولي، فانه حتى
الظلام سوف لا يكون ظلاما بالنسبة لك. سوف يشع الليل مثل النهار لان الظلام هو
كالنور بالنسبة لك.
مزمور 139: 7-12
ان حقيقة وجود الله في كل مكان في آن
واحد، تختلف عن مفهوم وحدة الوجود. وبصورة مبسطة يمكن ان نقول ان وحدة الوجود تعني
بأن الله موجود في كل مكان وان كل شيء هو خليقته. وعلى العكس من ذلك، فاننا سوف
نرى بأن الكتاب المقدس يعلمنا بأن الله متميز عن خليقته ويختلف عنها. يعرف الكتاب
المقدس الله بالكائن، وليس نوعا من القوة المجردة، او الحقيقة المتسامية.
اما علمت او ما سمعت ان الرب اله سرمدي، خالق
اقاصي الارض، لا يتعب ولا يعيي ولا فحص عن فهمه .
اشيعاء 40: 28
2 – انه
حسن ..
بدأ الله الخلق ...سحب الستائر...وكان جميع
الجند الملائكي يراقبون، وضع السماء والارض على المسرح. وبكلمة اضاء الله ذو
السيادة الاضواء الكاشفة. تم انتهى الفصل الاول: انتهى اليوم الاول. وتلى ذلك خمسة
فصول من "المسرحية الدرامية العظيمة" التي قام بها الله في الايام الخمسة التالية من الخلق.
الا تعلمون
. اما تسمعون. اما بلغكم من الاول . اما فهمتم اسس الارض. انه جالس على كرة الارض
وسكانها كالجراد. يبسط السماوات كسرادق ويمدهن كخباء للسكنى.
اشعيا 40: 21، 22
يشبه الكتاب المقدس الارض بخيمة. فهي مكان للسكن، بل واكثر الاماكن تميزا
في هذا الكون. ولكي يكون كوكب الارض مسكنا مناسبا، تطلب الامر القيام بأعمال انشاء
رئيسية. نرى الملائكة صامتين. وترفع الستارة في اليوم الثاني لخلق الامتداد.
الامتداد؟ ما هو ؟ دعني اشرح.
اليوم
الثاني:
وقال الله ليكن
جلد وسط المياه وليكن فاصلا بين مياه
ومياه. فصنع الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد
فكان كذلك. وسمى الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوم ثان .
سفر التكوين 1:
6-8
عندما خلق الله العالم كانت الارض مغطاة
بالمياه. ففي اليوم الثاني نرى اول دلالة على أن العالم عندما تم خلقه كان مختلفا
عما نعرفه الآن. يقول الكتاب المقدس بأن الله اخذ بعض المياه ووضعها في السموات
العلى. ورغم ان بعض المعلقين قد اقترحوا بأن هذا يشير ببساطة الى الغيوم، جاء آخرون
بنظرية تؤكد وجود مظلة شفافة من بخار الماء تحيط بالكرة الارضية. وسواء أكانت
المياه في الأعلى توحي بوجود مظلة ام لا، فهنالك دليل على أن المناخ كان يختلف
بشكل كبير عما نعرفه الآن. يبدو انه كان مداريا بشكل متساو. والمعروف أن الجو الذي
يحتوي على بخار ماء بنسبة اكبر يحقق نوعا من تأثير البيت الزجاجي. وسنرى لاحقا كيف
كان كل شيء حتى الذي نعرفه الآن. ومهما كانت الحالة، فان الله حسبما جاء في الكتاب
المقدس، قد خلق امتدادا ربما يكون مرادفا لما نسميه في الوقت الحاضر بالجو.
اليوم
الثالث
كانت المياه في بداية اليوم الثالث تحت الجلد،
محيطا واحدا واسعا دون ان نرى ارضا جافة. ومرة ثانية أمر الله:
وقال الله
لتجتمع المياه التي تحت السماء الى موضع واحد وليظهر اليبس. فكان كذلك. وسمى الله
اليبس ارضا ومجتمع المياه سماه بحارا. ورأى الله ذلك انه حسن. وقال الله لتنبت الارض
نباتا عشبا يبزر بزرا بحسب صنفه وشجرا يخرج ثمرا بزره فيه بحسب صنفه. ورأى الله ذلك
انه حسن. وكان مساء وكان صباح يوم ثالث.
سفر التكوين 1: 9-13
يمكن
تقسيم اليوم الثالث الى قسمين: كيف ظهرت الارض اليابسة اولا؟ عندما غار قاع المحيط
مكونا احواضا ضخمة من المياه، فظهرت الارض اليابسة وارتفعت من الاعماق المائية.
وثانيا كيف خلق النباتات والاشجار؟
لانه هكذا
قال الرب خالق السماوات، الله جابل الارض وصانعها الذي اقرها ولم يخلقها للخواء،
بل للعمران جبلها. اني انا الرب وليس آخر.
اشعيا 45: 18
ومنذ
البداية كان الله يعد العالم ليكون مسكونا، فخلق الحياة النباتية لتزويدنا
بالاحتياجات الجسمية: الطعام لنأكل، والاكسجين لكي نتنفس والخشب لكي نبني.
اليوم
الرابع
في اليوم الاول من الخليقة، سحب الله ستار
الظلام، وعندها ظهر النور الى الوجود. وفي اليوم الرابع خلق الله الاشياء التي تبعث
النور(1).
وقال الله: لتكن نيرات في جلد السماء
لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات واوقات وايام وسنين. وتكون نيرات في جلد
السماء لتضيء على الارض، فكان كذلك. فصنع الله النيرين العظيمين النير الاكبر لحكم
النهار، والنير الاصغر لحكم الليل والكواكب. وجعلها الله في جلد السماء لتضيء على
الارض. ولتحكم على النهار والليل وتفصل بين النور والظلام. ورأى الله ذلك انه حسن. وكان مساء وكان صباح
يوم رابع.
سفر التكوين 1: 14-19
واذا كان غريبا بالنسبة لنا، ان يخلق الله
النور قبل ان يخلق الشمس، يجب ان نتذكر انه يسهل على الله ان يخلق النور، مثلما
يسهل عليه خلق الشمس والقمر اللذين يعطيان النور.
انا الرب
صانع الكل ناشر السماوات وحدي وباسط الارض بنفسي.
اشعيا 44: 24
يحد القمر
الفصول، وتعرف الشمس متى تغيب
المزمور
104: 19
النـظام
تظهر الشمس والقمر والكواكب أن الخالق العظيم
هو إله النظام. فالنظام هو قاعدة الكون الذي يسير بدقة ساعة ذرية، فهو يحفظ الوقت.
اننا نعد خرائط المد للسنوات القادمة، وكلنا ثقة بأنها ستكون دقيقة. اننا نطلق
الاقمار الصناعية ونحن متأكدون بأنها سوف تلتقي في لحظة دقيقة تماما كما تم
برمجتها. ان الكون جميعه يعتمد على انتظام شروق الشمس وغروبها. وبدون هذا النمط
الموضوع، لن يبقى شيء على قيد الحياة.
ان النظام الذي نلاحظه في الكون ينتج عن القوانين
الفيزيائية التي تحكم جميع الاشياء. نستطيع ان ندرس هذه القوانين من خلال العلوم
المختلفة، كعلم الفلك وعلم الاحياء والفيزياء والكيمياء. لقد جعل الله هذه
القوانين الفيزيائية لكي يبقى الكون متماسكا معا بدقة مذهلة:
انه قبل جميع الاشياء، وبه تتماسك جميع
الاشياء مع بعضها.
الرسالة الى كولوسي 1: 17
اننا نعتبر جميع هذه القوانين مضمونة، اذ لا
نفكر ابدا كيف سيكون العالم بدونها. ولكن اذا فكرت في الامر - لبضعة ثوان بصورة عشوائية
– اذا تم تعليق قانون الجاذبية، فان الموت والفوضى سوف يسودان في العالم. وسيبدو
الامر كأن شخصا قد اوقف جميع اشارات السير الضوئية واشارات الوقوف وحدود السرعة من
شوارع مدننا. ان تلك القوانين موجودة هناك لسبب ما، لذا فان القوانين تنظم حدودا
لا تقبل حلولا وسطية عن كيفية الخلق.
ان اليوم لك وكذلك الليل لك! لقد اسست
الشمس والقمر. وانت الذي وضعت حدود الارض كلها.
مزمور
74: 16، 17
ونتعامل
تقريبا بشكل غريزي واحترام كبير مع هذه القوانين الطبيعية. نظهر حرصا كبيرا مثلا
عندما نسير على طول حافة صخرة، لاننا نعرف ان تحدي قانون الجاذبية ستكون له نتائج خطيره.
ان وجود القوانين يعني وجود عواقب لها ايضا. فيجب ان نتجنب العبث مع هذه القوانين
وما ينتج عن مخالفتها مثلما نتجنب الطاعون.
اليوم
الخامس
وفي اليوم الخامس خلق الله التنوع الكامل
للحياة البحرية والطيور:
وقال الله، لتفض المياه زحافات ذات
انفس حيه وطيورا تطير فوق الارض على وجه جلد السماء. فخلق الله الحيتان العظام وكل
داب من كل ذي نفس حية، فاضت به المياه بحسب اصنافه، وكل طائر ذي جناح بحسب اصنافه.
ورأى الله ذلك انه حسن. وباركها الله قائلا انمي واكثري واملأي المياه في البحار،
وليكثر الطير على الارض. وكان مساء وكان صباح يوم خامس.
سفر التكوين 1: .2-23
اليوم
السادس
كان اليوم السادس آخر ايام خلق الله . بدأ الله
اليوم بخلق حيوانات الارض:
وقال الله، لتخرج الارض ذوات انفس حية
بحسب اصنافها بهائم ودبابات ووحوش ارض بحسب اصنافها. فكان كذلك. فصنع الله وحوش
الارض بحسب اصنافها، والبهائم بحسب اصنافها وكل دبابات الارض بحسب اصنافها. ورأى
الله ذلك انه حسن.
سفر التكوين 1: 24:25
الانواع
تكاثرت النباتات والحياة البحرية والطيور
والحيوانات حسب اصنافها في اليوم الثالث والرابع والخامس على التوالي. ماذا نعني
عندما نقول، حسب اصنافها ؟ نعني بكل بساطة ان القطط تلد قططا، والكلاب تلد كلابا،
والفيلة تلد فيلة. ولا حاجة لان نتوقع
ظهور اشجار الارز عندما نزرع بصلات الزنبق.
تستطيع المخلوقات ان تلد انواعا مختلفة(2)، ولكن
من نفس الصنف. نستطيع تربية انواع مختلفة من الخيول، وان ننتهي بمجموعة كاملة من
الخيول العربية الى خيول كلايدسديل، ولكنها خيول جميعها، لم يتم اضافة شيء جديد
اليها. والحقيقة ان كلا منها يحتوي على معلومات جينية اقل من المجموعة الهجينية
التي ولدت منها. ومن جهة اخرى لا يحتاج مزارع ان يقلق من مداهمة خراف جاره مرعاه والتزاوج
مع مهر ابنه، لان الانواع ثابته. ومرة ثانية، نستطيع ان نعتقد بأن الله قد وضع في
الكون قوانين فيزيائية للمحافظة على نظام التكاثر.
كامل وبلا
عيب ومقدس
في اللحظات التي خلق الله فيها الكون، يذكر
الكتاب المقدس بشكل دائم …
رأى الله ذلك انه حسن.
سفر التكوين 1: 25
انها عبارة اخرى من العبارات الدقيقة المعنى.
ان الله عندما يخلق الاشياء، فانه يخلقها بصورة حسنة دائما.
اما الله فان طريقه كاملا، ان كلمة الرب
هي بلا عيب.
مزمور 18: 30
لا يستطيع البشر ان يصنعوا شيئا بلا عيب. ان ما
ننتجه يمكن ان يكون مقبولا تماما، ولكن ستكون له عيوب. ولكن الله خلق الكون بدون
خطأ او عيب.
يذكر الكتاب المقدس بأن الله كامل بلا عيب، ونستعمل
كلمات مثل المقدس والباري لوصف جوانب ذلك الكمال.
مقدس، مقدس، مقدس هو الرب تعالى.
اشعيا 6: 3
رائع وعظيم
عمله، وبره يستمر للابد.
مزمور 111: 3
ويتعالى رب
الجنود بالقضاء ويتقدس الاله القدوس بالعدل
اشعيا
5: 16
سوف ننظر بعناية خاصة الى هذه الكلمات، اثناء
دراستنا لكلمة الله. ان كل ما نحتاج الى معرفته في الوقت الراهن، هو ان الكلمات "قدوس"
و"بار"، تستعمل في وصف جوانب من الطبيعة الكاملة للرب.
ان القداسة المطلقة لله لا يمكن ان نبالغ في التأكيد
عليها، ويجب ان لا تغيب عن انظارنا عند قراءة القصة الكاملة. انها جزء لا يمكن ان
يترك جانبا. ويجب ان نتذكر ذلك اثناء قراءة هذا الكتاب.
ان الكمال من صفات الله - انه جانب آخر من عظمته.
ولان الله كامل يستطيع ان يصنع خليقة كاملة. لكن الخليقة تغيرت كما سنرى، ولكنها كانت
في البداية حسنة! قال الله: وكانت حسنة وكاملة.
الله لطيف
بالانسان
كان باستطاعة الله ان يخلق جميع النباتات
والحيوانات باللونين الاسود والابيض، ولكنه بدلا من ذلك، خلق كل شيء بتنوع لا
نهائي من الالوان والاصباغ. لم يخلق الالوان فحسب، بل خلق عيونا تستطيع ان ترى
الالوان.
يعلم الله ان تنوع الاطعمة يجعل لها مذاقا جيدا،
فهو لم يخلق نكهات لا نهاية لها فحسب، بل زودنا بحاسة الذوق ايضا، لنتمكن من
الاستمتاع بالانواع الدقيقة من التنوع الذي لا نهاية له من اساليب الطهي. واعطى
الله اضافات للكائنات الكثيرة الاخرى، اعطى العبير للزهور، وجعل الانف قادرا على
تمييز الروائح الكثيرة.
كان بمقدور الله ان يحدد خلقه للحياة النباتية
ببضعة انواع، والحقيقة ان بضعة انواع فقط تكفي احتياجاتنا بشكل كاف تماما: ولكننا
نرى تنوعا عظيما. ومن الواضح ان الرب لطيف بالانسان. يقول الكتاب المقدس ان الله:
يزودنا
بشكل كثير بكل شيء لاستمتاعنا
الرسالة
الاولى الى تيموتاوس 6: 17
لم يكن لله كل القدرة والقوة ليخلق التنوع بلا
حدود فحسب، وانما دمج هذه القوة بالاهتمام والحب. ان الله عظيم، ويظهر ذلك في لطفه
في العالم من حولنا.
ولا تزال البشرية تعظم الله لخلقه. وقد خفي
الكثير عن مرأى الانسان لعدة قرون، لعدم مقدرته على ادراك ذلك وفهمه. وبعد اكتشاف الميكروسكوب
الالكتروني، واجهزة تحطيم الذرة، والتلسكوب في المدارات، والتكنولوجيا الحديثة،
تمكن من النظر الى هذه المناطق المخفية. لم يصب بالملل من اكتشافاته. بل كلما زادت
اكتشافاته، اصبح اكثر اندهاشا واعجابا، واصبح يدرك اكثر مما يعرف. وكان ذلك كله موجودا
منذ القدم. ويثير خلق الله لها فينا الرهبة.
عظيم هو
الرب ومسبح في الاعالي وعظمته لا يمكن البحث عنها
المزمور
145: 3
وبقيت خطوة اخرى قبل ان تغيب شمس اليوم
السادس - قبل ان تكتمل خليقة الله، خلق الرجل والمرأة.
3- الرجل
والمرأة
لان هذا هو ما يقول الرب - الذي خلق السموات،
هو الله، هو الذي شكل وصنع الارض، هو اسسها، لم يخلقها لتكون فارغة، وانما شكلها
لتكون مسكونة - هو يقول: انا هو الرب ولا
يوجد اله آخر غيري.
اشعيا 45: 18
اليوم
السادس (تكملة)
بدأ اليوم السادس بخلق الحيوانات. وتغير هنا
معنى القصة بكاملها. كان الله حتى هذا الوقت، يعد الارض لتكون مسكونة. ولا شك ان
الملائكة الذين كانوا يراقبون الامر، قد تساءلوا عما يفكر فيه الله في النهاية
العظيمة. هل ستكون الارض لهم؟ ولكن هل استمر هذا التخمين الملائكي ام لا ؟ اننا لا
نعرف، ولكن الطريقة التي خلق الله فيها الانسان كان لها نصيب كبير في خلق المفاجأة.
وقال الله
لنصنع الانسان على صورتنا كمثالنا وليتسلط على سمك البحر وطير السماء والبهائم
وجميع الارض وكل الدبابات الدابة على الارض. خلق الله الانسان علىصورته على صورة
الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم.
سفر
التكوين 1: 26، 27
ربما
نتساءل مع من كان الله يتكلم عندما قال:"لنصنع الانسان على صورتنا…"،
سوف نبحث هذا الموضوع في الفصول القادمة.
صورة الله
يقول الكتاب المقدس بأن الله خلق الانسان
على صورته. ويظهر لنا الآن بوضوح ان هذا لا يعني أن البشر نسخ دقيقة. لا احد منا
كامل المعرفة وكامل القوة وموجود في كل مكان في نفس الوقت. ولا يخبرنا الكتاب
المقدس بأننا آلهة صغيرة. ولكن الامر يشبه مرآة تعكس الصورة فقط، والصورة ليست
الشيء نفسه. فعندما تنظر الى الانسان، ترى فيه الكثير من الامور المشتركة مع الله.
وهب
الله العقل للانسان اولا. اي ان الله اعطاه شيئا من عقله. ولذلك فهو يتمكن من
الاستقصاء والفهم والابداع، وهذه من صفات الله. ولكن رغم وجود العقل، فانه غير
كامل المعرفة. وفي الحقيقة ان الانسان يولد في هذا العالم بالقليل جدا من المعرفة.
ويجب ان يتعلم كل ما يريد معرفته.
وكذلك وهب الله الانسان العاطفة. وقد يكون لهذه
الكلمة معان سلبية، ولكنها تحمل المعاني الايجابية ايضا. فالقدرة على الشعور جانب
مهم جدا بالنسبة لكوننا بشر. وبدون عاطفة تكون استجابتنا للآخرين مثل استجابة
الرجل الآلي - بارادة محسوبة. وبعكس الرجل الآلي الذي لا شعور له، يخبرنا الكتاب
المقدس أن الله رحيم ولطيف، ويشعر بالغضب عندما يرى الظلم. ان الها بلا قلب ولا
شعور، لا يملك القدرة على الاحساس بالحب او التعاطف، سيكون مخيفا في الحقيقة. لقد
خلق الله لنا المشاعر لان له شعور.
وخلق الله الانسان بارادة. ان قدرة الانسان على
اتخاذ القرارات بنفسه تؤخذ غالبا على انها مضمونة. ولكن القدرة على الاختيار
والتفضيل، هي ما يعطي البشرية تنوعا لا نهاية له.
يحب البعض الارز ويفضل آخرون البطاطا. وتستطيع ان تتناول عصير العنب او
التفاح او عصير البرتقال عند الفطور. فالاختيارات غير محدودة.
ان المقدرة على الاختيار تفصلنا عن عالم
الرجل الآلي الذي لا يستطيع اتخاذ قرارات مستقلة - فالبرمجة التي وضعت له تقيده
وتتحكم به. لقد اعطي الانسان ارادة يستطيع من خلالها اتباع الله بحرية. انه يختلف
عن الرجل الآلي. لقد ادرك الانسان ان الله يهتم به، ويعرف بأن الله يبحث له عن الافضل.
ان
العقل والعاطفة والارادة التي يمتلكها الانسان تمثل جميعها جوانب من كونه مخلوقا على
صورة الله. وتوجد جوانب اخرى ايضا نستطيع الاشارة اليها ايضا، ولكننا نريد ان نكمل
رواية القصة. يقول الكتاب المقدس….
ان الرب
الاله جبل الانسان ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار الانسان نفسا حية.
سفر
التكوين 2: 7
ان كلمات "نسمة" و"حياة"
ترتبط غالبا بالروح او الجانب غير المادي في الانسان. وهذا انعكاس آخر لصورة الله،
لان الله روح ايضا. وكما ذكرنا سابقا، لا يمكن رؤية الارواح، لانها بدون جسم. واختار
الله للانسان مسكنا ماديا من اللحم والعظم، تسكن فيه روحه. بيت يتكون من غبار
الارض. وعندما تم تكوينه، وضع الجسم هناك كاملا في كل شيء، ولكن بدون حياة على
الاطلاق. وعندما نفخ الله الروح فيه اصبح الجسد حيا. ان الله وحده هو الذي يمكن ان يهب الحياة، ولا
يملك الانسان او الملائكة هذه المقدرة. ومرة ثانية، نرى ان الرب يتميز تماما عن
جميع كائناته ومخلوقاتة، انه اعظم منها
جميعها.
رفيقـه
سمي الشخص الاول والوحيد الذي خلقه الله بآدم.
وتعني كلمة آدم "الانسان". ثم خلق الله المرأة.
وقال الرب
الاله لا يحسن ان يكون الانسان وحده فاصنع له عونا بازائه. سفر التكوين 2: 18
فاوقع الرب
الاله سباتا على آدم فنام فاستل احدى اضلاعه وسد مكانها بلحم. وبنى الرب الاله الضلع
التي اخذها من آدم امرأة فأتى بها آدم. وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا
يخجلان.
سفر التكوين 2:
21-23، 35
لقد خلقت هذه الآيات القليلة جدلا كبيرا. اذ فهم
البعض ان الله عندما خلق المرأة، جعلها مخلوقة من الدرجة الثانية. ولكن الأمر ليس
كذلك. أخذ الله المرأة من جنب الرجل لتكون رفيقه، وليس من كعبه لتكون عبدته. وأطلق
آدم على زوجه اسم حواء الاسم الذي يعني "التي تعطي الحياة".
البستان
الكامل
اخذ الله آدم وحواء ووضعهما في بستان خاص
خلقه لهما. ودعي البستان جنة عدن.
وغرس الرب الاله جنة في عدن شرقا وجعل هناك
الانسان الذي جبله. وانبت الرب الاله من الارض كل شجرة حسنة المنظر وطيبة
المأكل.
سفر التكوين 2: 8،
9
لا يمكن مقارنة البساتين والحدائق والحيوانات
في العالم مع ما هو موجود في جنة الله. فلقد كانت هذه الجنة كاملة، أوراقها خضراء
يانعة، ومياهها لامعة صافية تمتلئ باصناف عديدة من الاسماك، وانواع لا تصدق من
الحيوانات، ويفوق جمالها الوصف! وكان الطقس مختلفا ايضا. يقول الكتاب المقدس…
لان الرب
الاله لم يكن قد امطر بعد على الارض، ولم يكن انسان ليحرث الارض. وكان يصعد منها
بخار فيسقي جميع وجهها.
سفر التكوين 2: 5، 6
ليس
لدينا فكرة واضحة عن حال جنة عدن - والواضح أن الله لم يخلق بستانا يعمل فيه آدم
وحواء من اجل البقاء. فقد كان البستان مليئا بالخيرات، وكان الله يوفر لهما كل ما يحتاجان
اليه بشكل كاف. كان عالما كاملا صالحا للعيش .
الخالق -
المالك
لم
يسأل الله آدم وحواء اذا كانا يرغبان في العيش في جنة عدن - لقد عرف ما هو الافضل
لهما. يستطيع الله ان يتصرف دون استشارة احد، لانه الخالق والمالك بكل بساطة.
(تذكر المثل القبلي: الذي يصنع مجذاف القارب يمتلكه
ايضا).
لك، ايها
الرب، العظمة والقوة والمجد والجلال والروعة، لان كل شيء في السماء والارض هو لك.
سفر الايام
الاولى 29: 11
الارض للرب، وكل شيء فيها، العالم
وجميع الذين يسكنون فيه.
مزمور 24: 1
اعلم ان
الرب هو الله. انه هو الذي صنعنا ونحن له. نحن شعبه.
مزمور 100: 3
وكما تخضع الملائكة لله، لانه خالقها، يخضع الانسان
لله ايضا، لانه خالقه. وكما اعطيت الملائكة رتبة لتكون خدما لله، اعطى الله
الانسان ايضا مسؤولية استصلاح الارض.
واخذ الرب
الاله الانسان وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها.
سفر
التكوين 2: 15
فـترة الاختبار
واذا
كان الله لم يستشر آدم وحواء حول وضعهم في الجنة، فهذا لا يعني انهما كانا مسيرين،
بل خلقهما الله مخيران. وعندما يتعلق الامر ببعض نواحي الحياة، كالحب مثلا، فان
امتلاك القدرة على الاختيار لا يعني شيئا الا اذا كانت هنالك بدائل. وقد وضع الله
امام الانسان اختيارا بسيطا جدا يتعلق بشجرتين.
شجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر
سفر
التكوين 2: 9
اول
شجرة ذكرت هي شجرة الحياة. فاذا أكل الانسان منها فانه سوف يعيش للابد، ولن تكون
هناك اية مشكلة. وذكرت الشجرة الثانية مع تحذير، لأنها شجرة معرفة الخير والشر. فقد
عرف آدم وحواء الخير، ولكن الشر كان مسألة اخرى. خلق كلاهما بصورة كاملة، وكانا
بريئين من كل خطيئة. كانت تجربتهما محصورة بالخير الذي انعم به الله عليهما. ويقول
الكتاب المقدس: اذا اكل آدم وحواء من ثمر هذه الشجرة الوحيدة، فانهما سيعرفان
الخير والشر معا.
وامر الرب
الاله الانسان قائلا :من جميع شجر الجنة تأكل، واما شجرة معرفة الخير والشر فلا
تأكل منها، فانك يوم تأكل منها تموت موتا.
سفر التكوين 2: 16،17
رأينا في السابق ان مخالفة احد قوانين الله
الفيزيائية لها نتائجها، فمخالفة قانون الجاذبية تؤدي الى نتائج سلبية. ان هذا
المبدأ ينطبق على أي من قوانين الله واوامره. وقد اعطى الله الانسان في هذه المرة
قانونا بسيطا: لا تأكل من ثمر تلك الشجرة الوحيدة. وكانت نتيجة مخالفة ذلك الامر
واضحة ايضا- موت الانسان. وسيناقش هذا الموضوع لاحقا في فصول هذا الكتاب.
كانت
تلك هي الشجرة الوحيدة التي ميزت الانسان كبشر، وليس كانسان آلي. كان للانسان
خيار- ان يأكل او ان لا يأكل، ان يطيع او يعصي. وعندما أعطي آدم وحواء ذلك الخيار،
خرجا من مملكة الانسان الآلي المبرمج الذي ينفذ ما يطلب منه فقط. ويوجد فرق كبير
بين شخص مبرمج يقول "سوف اطيع"، وشخص آخر يفعل ما يريد بمحض ارادته
الحرة. ان امتلاك المقدرة على الاختيار هو ما يعطي كلمة "الطاعة" معناها
العميق. فالاختيارات تجعل العلاقة حقيقة.
كان هذا هو القيد الوحيد على الانسان الاول،
وهو قيد لا يمثل صعوبة كبيرة. فالموقف ليس مثل ما تصوره لنا بعض اللوحات الفنية،
حيث يظهر فيها آدم وحواء وهما يجلسان تحت شجرتين وحيدتين تحملان قليلا من الفاكهة،
وعليهما ان يختارا منهما. فلقد كان لديهما وفرة من الفاكهة.
وانبت الرب
الاله من الارض كل شجرة حسنة المنظر وطيبة المأكل.
سفر التكوين 2: 9
خلقا لطاعته
وتمجيده
عندما خيّر الله آدم وحواء، لم يقصد بذلك ان
يترك لهما المجال للهرب، وانما ترك لهما المجال لكي يضعا بأنفسهما سلم اولياتهما. لقد
خلق الله الانسان ليعكس عظمتة وليكرمه.
انت يا ربنا والهنا جدير بالمجد والكرامة
والقوة، لانك خلقت جميع الاشياء وبارادتك، فقد خلقت وكان كيانهما.
سفر الرؤيا
4: 11
عندما يكون الابن مطيعا لوالده فانه يكرمه.
وهكذا كان الحال بين الله والانسان. لقد خلق الله الانسان بارادة لكي يعبده ويطيعه
بحرية. ويستحق الله الخالق، كل الطاعة التي يستطيع الانسان ان يقدمها له. وسوف
ينتج عن مثل هذه الطاعة منافع عظيمة. يقول الكتاب المقدس، ان الانسان عندما يحقق امر
الله له، يجد السعادة القصوى، ويحقق ذاته. وهكذا كان الامر بالنسبة لآدم وحواء:
وباركهما
الله وقال لهما: انميا واكثرا واملأا الارض واخضعوها وتسلطا على سمك البحر وطير
السماء، وجميع الحيوان الداب على الارض.
سفر التكوين 1: 28
الانسان -
صديق الله
لقد اكرم الله آدم وحواء. وكان هنالك لتلبية كل حاجة لهما.
وقال الله
ها قد اعطيتكم كل عشب يبزر بزرا على وجه الارض كلها وكل شجر فيه ثمر يبزر بزرا
يكون لكم طعاما، ولجميع وحش الارض، وجميع طير السماء، وجميع ما يدب على الارض مما
فيه نفس حية. جميع بقول العشب جعلتها مأكلا. فكان كذلك.
سفر التكوين
1: 29، 30
يقول الكتاب المقدس ان الله كان يأتي في
المساء ليسير مع الانسان. ويصعب علينا ادراك مثل هذا الامر. ان الكيفية التي
استطاع الانسان بها ان يعيش في حضور الله هي فوق قوة تفكيرنا - ومن الواضح ان شيئا
ما قد تغير. وان الكتاب المقدس واضح تماما، فأن الله لم يكن خالقا بعيدا وصعب
المنال- فقد كان الله صديقا لآدم وحواء. واضافة الى ذلك، كان آدم وحواء بريئين من
أي نوع من الشر او الخطأ - كان لهما من الكمال ما يسمح لهما ان يكونا في رفقة الله
- يستطيع الكاملون من البشر فقط العيش في حضور الله الكامل (3).
ان الحياة العائلية المثالية، هي تلك التي يعطي
فيها الوالدان العناية والمحبة، ويعطي الطفل بدوره الاكرام لوالديه بالطاعة والمحبة.
كانت تلك هي العلاقة التي جمعت آدم وحواء مع الله. كان الله يزودهم بالمحبة وبكل
شيء، وأطاعا الرب بمحبتة واكرامه. كانت هذه هي الطريقة التي خلق الله فيها الاشياء،
واراد ان تكون كذلك.
انتـهاء
الخـلق
ورأى الله
جميع ما صنعه فاذا هو حسن جدا. وكان مساء وكان صباح يوم سادس.
سفر
التكوين 1: 31
نبدأ
المشاريع غالبا بهمة كبيرة، ولكننا نعمل فيها في النهاية بشكل متقطع، اذ يقل
اهتمامنا كثيرا، ونضع المنتوج غير المكتمل جانبا ونهمله. ولكن الله ينهي دائما ما
يبدأ في عمله. يمكن ان نغير تفكيرنا فيما يتعلق بخططنا، ولكن الله لا يفعل ذلك
ابدا.
ان خطط الرب
تبقى راسخة الى الابد، ان اغراض قلبه تبقى خلال جميع الاجيال.
مزمور 33: 11
لقد تم الخلق. ويقول لنا الكتاب المقدس
ان الله استراح في اليوم السابع، ليس لانه
كان متعبا، وانما لان عملية الخلق قد تمت. وقد حان الوقت للراحة.